الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)
.إمارة كوزتكين الديلمي. ولما هرب ابن البريدي استولى كورتكين على الأمور ببغداد ودخل إلى المتقي فقلده إمارة الأمراء وأحضر علي بن عيسى وأخاه عبد الرحمن فدبر الأمور ولم يسمهما بوزارة واستوزر أبا إسحق محمد بن أحمد الإسكافي القراريطي وولى على الحجبة بدار الجواشيني ثم قبض كورتكين على بكتيك مقدم الأتراك خامس شوال وغرقه واقتتل الأتراك والديلم وقتل بينهما خلق وانفراد كورتكين بالأمر وقبض على الوزير أبي إسحق القراريطي لشهر ونصف من وزارته وولى مكانه أبا جعفر محمد بن القاسم الكرخي..عواد ابن رائق إلى بغداد. قد تقدم لنا أن جماعة من أتراك يحكم لما أنقضوا عن المتقي ساروا إلى الموصل ثم ساروا منها إلى ابن رائق بالشام وكان من قوادهم توزون وجحجح وكورتكين وصيقوان فأطعموه في بغداد ثم جاءته كتب المتقي يستدعيه فسار آخر رمضان واستخلف بالشام أبا الحسن أحمد بن علي بن مقاتل وتنحى ناصر الدولة بن حمدان على طريقه ثم حمل إليه مائة ألف دينار وصالحه وبلغ الخبر إلى أبي عبد الله بن البريدي فبعث إخوته إلى واسط وأخرج الديلم عنها وخطبوا له بها وخرج كورتكين عن بغداد إلى عكبرا فقاتله ابن رائق أياما ثم أسرى له ليلة عرفة فأصبح ببغداد من الجانب الغربي ولقي الخليفة وركب معه في دجلة ووصل كورتكين آخر النهار فركب ابن رائق لقتاله وهو مرجل واعتزم على العود إلى الشام ثم طائفة من عسكره ليعبروا دجلة ويأتوا من ورائهم وصاحت العامة مع ابن رائق بكورتكين وأصحابه ورجموهم فانهزموا واستأمن منهم نحو أربعمائة فقتلوا وقتل قواده وخلع المتقي على ابن رائق أمير الأمراء وعزل الوزير أبا جعفر الكرخي لشهر من ولايته وولى مكانه أحمد الكوفي وظفر بكورتكين فحبسه بدار الخلافة..وزارة ابن البريدي واستيلاؤه على بغداد وفرار المتقي إلى الموصل. لما استقر ابن رائق في إمارة الأمراء بدمشق ببغداد أخر ابن البريدي حمل المال من واسط فانحدر إليه في العساكر في عاشوراء من سنة ثلاثين وهرب بنو البريدي إلى البصرة ثم سعى أبو عبد الله الكوفي بينهم وبين ابن رائق وضمن واسط بستمائة ألف دينار وبقاياها بمائتي ألف ورجع ابن رائق إلى بغداد فشغبت عليه الجند وفيهم تورون وأصحابه ثم انفضوا آخر ربيع إلى أبي عبد الله بواسط فقوي بهم وذهب ابن رائق إلى مداراته فكاتبه بالوزارة واستخلف عليها أبا عبد الله بن شيرزاد ثم انتقض واعتزم على المسير إلى بغداد في جميع الأتراك والديلم وعزم ابن رائق على التحصن بدار الخلافة ونصب عليها المجانيق والعرادات وجند العامة فوقع الهرج وخرج بالمتقي إلى نهر دبالي منتصف جمادى الآخرة وأتاهم أبو الحسين في الماء والبر فهزمهم ودخل دار الخلافة وهرب المتقي وابنه أبو منصور وابن رائق إلى الموصل لستة أشهر من إمارته واختفى الوزير القراريطي ونهبت دار الخليفة ودور الحرم وعظم الهرج وأخذ كورتكين من محبسه فأنفذ إلى واسط ولم يتعرضوا للقاهر وكان نزل أبو الحسن بدار الخلافة وجعل توزون على الشرطة بالجانب الغربي وأخذ رهائن القواد توزون وغيره وبعث بنسائهم وأولادهم إلى أخيه عبد الله بواسط وعظم النهب ببغداد وترك دورهم وفرضت المكوس في الأسواق خمسة دنانير على الكر فغلت الأسعار وانتهى إلى ثلثمائة دينار الكر وجاءت ميرة من الكوفة وأخذت فقيل إنها لعامل الكوفة وأخذها عامل بغداد وكان معه جماعة من القرامطة فقاتلهم الأتراك وهزموهم ووقعت الحرب بين العامة والديلم فقتل خلق من العامة واختفى العمال لمطاولة الجند إلى الضواحي ينتهبون الزرع بسنبلة عند حصاده وساءت أحوال بغداد وكثرت نقمات الله فيهم..مقتل ابن رائق وولاية ابن حمدان مكانه. كان المتقي قد بعث إلى ناصر الدولة بن حمدان يستمده على ابن البريدي عندها قصد بغداد فأمده بعسكر مع أخيه سيف الدولة فليقه بتكريت منهزما ورجع معه إلى الموصل وخرج ناصر الدولة عن الموصل حتى حلف له ابن رائق واتفقا فجاء وتركه شرقي دجلة وعبر إليه أبو منصور المتقي وابن رائق فبالغ في تكرمتهما فلما ركب ابن المتقي قال لابن رائق: أقم نتحدث في رأنيا فذهبا إلى الإعتذار وألح عليه ناصر الدولة فاستراب وجذب يده وقصد الركوب فسقط فأمر ناصر الدولة بقتله وإلقائه في دجلة وبعث إلى المتقي بالعذر وأحسن القول وركب إليه فولاه أمير الأمراء ولقبه ناصر الدولة وذلك مستهل شعبان من سنة ثلاثين وخلع على أخيه أبي الحسن ولقبه بسيف الدولة فلما قتل ابن رائق سار الأخشيد من مصر إلى دمشق وبها محمد بن يزداد من قبل ابن رائق فاستأمن إليه وملك الأخشيد دمشق وأقر ابن يزداد عليها ثم نقله إلى شرطة مصر.
|