فصل: ظهور ابن رائق ومسيره إلى الشام.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.وزارة ابن مقلة ونكبته.

ولما انصرف أبو الفتح بن الفرات إلى الشام استوزره الراضي أبا علي بن مقلة على سنن من قبلة والأمر لابن رائق وابن مقلة كالعارية وكتب له في أمواله وأملاكه فلم يردها فشرع في التدبير عليه فكتب إلى ابن رائق بواسط ووشمكير بالري يطمع كلا منهما في مكانه وكتب الراضي يشير بالقبض على ابن رائق وأصحابه واستدعى يحكم لمكانه وأنه يستخرج منهم ثلاثة آلاف ألف دينار فأطعمه الراضي على كره فكتب هو إلى يحكم يستحثه وطلب من الراضي أن ينتقل إلى دار الخلافة حتى يتم الأمر فأذن له وحضر متنكرا آخر ليلة من رمضان سنة ست وعشرين فأمر الراضي باعتقال وأطلع ابن رائق من الغد على كتبه فشكر ذلك له ابن رائق وأمر بابن مقلة في منتصف شوال فقطع ثم عولج وبرئ وعاد إلى السعي في الوزارة والتظلم من ابن رائق والدعاء عليه فأمر بقطع لسانه وحبسه إلى أن مات.

.استيلاء يحكم على بغداد.

لم يزل يحكم يظهر التبعية لابن رائق ويكتب على أعلامه وتراسه يحكم الرائقي إلى أن وصلته كتب ابن مقلة بأن الراضي قلده إمره الأمراء فطمع وكاشف ابن رائق ومحانسبه إليه من أعلامه وسلاحه وسار من واسط إلى بغداد في ذي القعدة سنة ست وعشرين وكتب إليه الراضي بالرجوع فأبى ووصل إلى نهر دبالي وأصاب ابن رائق في غربيه فانهزموا وعبروا النهر سبحا وسار ابن رائق إلى عكبرا ودخل يحكم بغداد منتصف ذي القعدة ولقي الراضي من الغد وولاه أمير الأمراء وكتب عن الراضي إلى القواد الذين مع ابن رائق بالرجوع عنه فرجعوا وعاد ابن رائق إلى بغداد فاختفى بها لسنة وأحد عشرة شهرا من إمارته ونزل يحكم بدار مؤنس واستقر ببغداد متحكما في الدولة مستبدا على الخليفة.

.دخول أذربيجان في طاعة وشمكير.

كان من عمال وشمكير على أعمال الجبل السيكري بن مردى وكان مجاورا لأعمال أذربيجان وعليها يومئذ ديسم بن إبراهيم الكردي من أصحاب ابن أبي الساج فحدثت السيكري نفسه بالتغلب عليها فجمع وسار إليها يزيد وخرج إليه ديسم فانهزم فاستولى على سائر بلاده إلا أردبيل وهي كرسي أذربيجان فحاصرها السيكري وضيق حصارها فراسلوا ديسم بالمثنى لقتال السيكري من ورائه ففعل وجاءه يوم قتالهم من خلف فانهزم السيكري إلى موقان أصبهبذها ابن دوالة وسار معه نحو ديسم فانهزم ديسم وقصد وشمكير بالري واستمده على أن يدخل في طاعته ويضمن له مالا في كل سنة فأجابه وبعث معه العسكر وبعث أصحاب السيكري إلى وشمكير بأنهم على الطاعة وشعر بذلك السيكري فسار في خاصته إلى أرمينية واكتسح في نواحيها ثم سار إلى الزوزان من بلاد الأرمن فاعترضوه وقتلوه ومن معه ورجع فلهم وقد ولوا عليهم سان بن السيكري وقصدوا بلد طرم الأرمني ليثأروا منهم بأصحابهم فقاتلهم طرم وأثخن فيهم وساروا إلى ناصر الدولة بن حمدان وانحد بعضهم إلى بغداد وكان على المعادن بأذربيجان الحسين بن سعيد بن حمدان من قبل ابن عمه ناصر الدولة فلما جاء إلى الموصل أصحاب السيكري مع ابنه بعثهم ابن عمه بأذربيجان لقتال ديسم فلم تكن له به طاقة ورجع إلى الموصل واستولى ديسم على أذربيجان في طاعة وشمكير.

.ظهور ابن رائق ومسيره إلى الشام.

وفي سنة سبع وعشرين وثلثمائة سار يحكم إلى الموصل وديار ربيعة بسبب أن ناصر الدولة بن حمدان أخر المال الذي عليه من ضمان البلاد فأقام الراضي بتكريت وسار يحكم ولقيه ناصر الدولة على ستة فراسخ من الموصل فانهزم واتبعه يحكم إلى نصبين ثم إلى آمد وكتب إلى الراضي بالفتح فسار من تكريت في الماء إلى الموصل وفارقه جماعة من القرامطة كانوا في عسكره وكان ابن رائق يكاتبهم من مكان إكتفائه فلما وصلوا بغداد خرج ابن رائق إليهم واستولى وطار الخبر الراضي فأصعد من الماء وسار إلى الموصل وكتب إلى يحكم بذلك فرجع عن نصيبين بعد أن استولى عليها وشرع أهل العسكر يتسللون إلى بغداد فأهم ذلك يحكم ثم جاءت رسالة ابن حمدان في الصلح وتعجيل خمسمائة ألف درهم فأجابوه وقرره ورجعوا إلى بغداد ولقيهم أبو جعفر محمد بن يحيى بن شيرازاد رسولا عن ابن رائق في الصلح على أن يقلده الراضي طريق القرات وديار مضر حران والرها وما جاورها جندي قنسرين والعواصم فأجابه الراضي وقلده وسار إلى ولايته في ربيع الآخر وكان يحكم قد استناب بعض قواد الأتراك على الأنبار واسمه بالبان وطلب تقليد طريق الفرات فقلد وسار إلى الرحبة ثم انتقض وعاد لابن رائق وعصى على يحكم فسار إليه غازيا بالرحبة على حين غفلة لخمسة أيام من مسيره فظفر به وأدخله بغداد على جمل وحبسه وكان آخر العهد به.