الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة (نسخة منقحة)
.مَا جَاءَ في الْفَارِسَيْنِ يَصْطَدِمَانِ أَوْ السَّفينَتَيْنِ: قُلْت: أَرَأَيْت إذَا اصْطَدَمَ فَارِسَانِ فَقَتَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ؟قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: عَقْلُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى قَبِيلِ صَاحِبِهِ، وَقِيمَةُ كُلِّ فَرَسٍ مِنْهُمَا في مَالِ صَاحِبِهِ.قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ سَفينَةً صَدَمَتْ سَفينَةً أُخْرَى فَكَسَرَتْهَا فَغَرِقَ أَهْلُهَا؟قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ الرِّيحِ غَلَبَتْهُمْ أَوْ مِنْ شَيْءٍ لَا يَسْتَطِيعُونَ حَبْسَهَا مِنْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ كَانُوا لَوْ شَاءُوا أَنْ يَصْرِفُوهَا صَرَفُوهَا فَهُمْ ضَامِنُونَ.قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ حُرًّا وَعَبْدًا اصْطَدَمَا فَمَاتَا جَمِيعًا؟قَالَ: بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: ثَمَنُ الْعَبْدِ في مَالِ الْحُرِّ، وَدِيَةُ الْحُرِّ في رَقَبَةِ الْعَبْدِ.فَإِنْ كَانَ في ثَمَنِ الْعَبْدِ فَضْلُ دِيَةِ الْحُرِّ كَانَ في مَالِ الْحُرِّ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ شَيْءٌ.قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ نَخَسَ رَجُلٌ دَابَّةً فَوَثَبَتِ الدَّابَّةُ عَلَى إنْسَانٍ فَقَتَلَتْهُ، عَلَى مَنْ تَكُونُ دِيَةُ هَذَا الْمَقْتُولِ؟قَالَ: عَلَى عَاقِلَةِ النَّاخِسِ.قُلْت: وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ؟قَالَ: هُوَ قَوْلُهُ.قُلْت: أَرَأَيْتَ الدَّابَّةَ إذَا جَمَحَتْ بِرَاكِبِهَا فَوَطِئَتْ إنْسَانًا فَعَطِبَ، أَيَضْمَنُ ذَلِكَ أَمْ لَا في قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: هُوَ ضَامِنٌ..مَا جَاءَ في تَضْمِينِ الْقَائِدِ وَالسَّائِقِ وَالرَّاكِبِ: قُلْت: هَلْ كَانَ مَالِكٌ يُضَمِّنُ الْقَائِدُ وَالسَّائِقَ وَالرَّاكِبَ مَا وَطِئْت الدَّابَّةُ إذَا اجْتَمَعُوا - أَحَدُهُمْ سَائِقٌ وَالْآخَرُ رَاكِبٌ وَالْآخَرُ قَائِدٌ -؟قَالَ: مَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ فيهِ شَيْئًا إذَا اجْتَمَعُوا جَمِيعًا، وَمَا أَقُومُ لَكَ عَلَى حِفْظِهِ.وَأَرَى أَنَّ مَا أَصَابَتْ الدَّابَّةُ عَلَى الْقَائِدِ وَالسَّائِقِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الَّذِي فَعَلَتْ الدَّابَّةُ مِنْ شَيْءٍ، كَانَ مِنْ سَبَبِ الرَّاكِبِ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ السَّائِقِ وَلَا الْقَائِدِ عَوْنٌ في ذَلِكَ فَهُوَ لَهُ ضَامِنٌ.قلت: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَقُودُ الْقِطَارَ، فيطَأُ الْبَعِيرُ مِنْ أَوَّلِ الْقِطَارِ أَوْ مِنْ آخِرِهِ عَلَى رَجُلٍ فيعْطَبُ، أَيَضْمَنُ الْقَائِدُ؟قَالَ: مَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ فيهِ شَيْئًا وَأَرَاهُ ضَامِنًا.قُلْت: أَرَأَيْتَ مَا أَشْرَعَ الرَّجُلُ في طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ مِيزَابٍ أَوْ ظُلَّةٍ، أَيَضْمَنُ مَا عَطِبَ بِذَلِكَ الْمِيزَابِ أَوْ تِلْكَ الظُّلَّةِ في قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَضْمَنُ.قُلْت: أَرَأَيْتَ الْحَائِطَ الْمَائِلَ إذَا أُشْهِدَ عَلَى صَاحِبِهِ فَعَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ، أَيَضْمَنُ أَمْ لَا؟قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: يَضْمَنُ مَا عَطِبَ بِهِ إذَا أَشْهَدُوا عَلَيْهِ وَكَانَ مِثْلُهُ مَخُوفًا.قُلْت: أَرَأَيْتَ إذَا لَمْ يُشْهِدُوا عَلَيْهِ وَكَانَ مِثْلُهُ مَخُوفًا؟قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فيهِ شَيْئًا، وَلَا أَرَى عَلَيْهِ فيهِ ضَمَانًا.قُلْت: أَرَأَيْتَ إذَا مَالَ الْحَائِطُ، وَفي الدَّارِ سُكَّانٌ وَلَيْسَ رَبُّ الدَّارِ حَاضِرًا وَالدَّارُ مَرْهُونَةٌ أَوْ مُكْتَرَاةٌ، عَلَى مَنْ يَشْهَدُونَ؟قَالَ: إذَا كَانَ رَبُّ الدَّارِ حَاضِرًا فَلَا يَنْفَعُهُمْ الْإِشْهَادُ إلَّا عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا رَفَعُوا أَمْرَهَا إلَى السُّلْطَانِ وَلَا يَنْفَعُهُمْ الْإِشْهَادُ عَلَى السُّكَّانِ.قُلْت: أَتَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟قَالَ: وَهُوَ رَأْيِي.أَلَا تَرَى أَنَّ السُّكَّانَ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَهْدِمُوا الدَّارَ.قُلْت: أَرَأَيْتَ شَهَادَاتِ النِّسَاءِ في الْجِرَاحَاتِ الْخَطَأِ، أَجَائِزَةٌ في قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: نَعَمْ.قُلْت: أَرَأَيْتَ الصَّغِيرَ إذَا شَهِدَ عِنْدَ الْقَاضِي قَبْلَ أَنْ يَحْتَلِمَ، أَوْ النَّصْرَانِيَّ أَوْ الْعَبْدَ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُمْ.ثُمَّ كَبِرَ الصَّبِيُّ وَأَسْلَمَ النَّصْرَانِيُّ وَعَتَقَ الْعَبْدُ ثُمَّ شَهِدُوا بِذَلِكَ بَعْدَ ذَلِكَ؟قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ لِأَنَّهَا قَدْ رُدَّتْ.قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا جَرَحَ رَجُلًا جُرْحَيْنِ خَطَأً، وَجَرَحَهُ آخَرُ جُرْحًا آخَرَ خَطَأً، فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ فَأَقْسَمَتْ الْوَرَثَةُ عَلَيْهِمَا، كَيْفَ تَكُونُ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِمَا، أَنِصْفينِ أَمْ الثُّلُثَ وَالثُّلُثَيْنِ؟قَالَ: مَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ فيهِ شَيْئًا إلَّا مَا أَخْبَرْتُكَ أَنَّ الدِّيَةَ عَلَى عَوَاقِلِهِمَا.فَلَوْ كَانَتْ الدِّيَةُ عِنْدَ مَالِكٍ الثُّلُثَ وَالثُّلُثَيْنِ لَقَالَ لَنَا ذَلِكَ.وَلَكِنَّا لَا نَشُكُّ أَنَّ الدِّيَةَ عَلَيْهِمَا نِصْفَانِ..مَا جَاءَ في الرَّجُلِ يَسْتَأْجِرُ عَبْدًا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ في التِّجَارَةِ: قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنِّي اسْتَأْجَرْت عَبْدًا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ في التِّجَارَةِ وَلَا في الْعَمَلِ، اسْتَأْجَرْته عَلَى أَنْ يَحْفِرَ لِي بِئْرًا فَعَطِبَ في الْبِئْرِ، أَأَضْمَنُهُ في قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟قَالَ: نَعَمْ تَضْمَنُهُ في قَوْلِ مَالِكٍ.وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ مَالِكًا سُئِلَ عَنْ عَبْدٍ اسْتَأْجَرَهُ رَجُلٌ يَذْهَبُ لَهُ بِكِتَابٍ إلَى مَوْضِعٍ في سَفَرٍ فَعَطِبَ فيهِ، وَذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ.قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: هُوَ ضَامِنٌ.قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ عَبْدًا لِرَجُلٍ قَتَلَ قَتِيلًا عَمْدًا وَلَهُ وَلِيَّانِ فَعَفَا أَحَدُهُمَا؟قَالَ: يُقَالُ لَهُ: ادْفَعْ نِصْفَهُ أَوْ افْدِهِ بِنِصْفِ الدِّيَةِ.قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟قَالَ: هَذَا رَأْيِي.قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ عَبْدًا قَتَلَ قَتِيلَيْنِ عَمْدًا فَعَفَا أَوْلِيَاءُ أَحَدِ الْقَتِيلَيْنِ.أَيُّ شَيْءٍ يُقَالُ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ؟ أَيُقَالُ لَهُ ادْفَعْ جَمِيعَ الْعَبْدِ إلَى أَوْلِيَاءِ هَذَا الْقَتِيلِ الْآخَرِ، أَمْ يُقَالُ لَهُ ادْفَعْ نِصْفَهُ أَوْ افْدِهِ بِالدِّيَةِ؟قَالَ: إنْ أَحَبَّ أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ الْآخَرِ الَّذِينَ لَمْ يَعْفُوا أَنْ يَقْتُلُوا قَتَلُوا، وَإِنْ اسْتَحْيَوْهُ عَلَى أَنْ يَأْخُذُوهُ قِيلَ لَهُ ادْفَعْ نِصْفَهُ أَوْ افْدِهِ بِالدِّيَةِ، وَلَا أَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ.قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ جَرَحَ عَبْدٌ لِي رَجُلًا فَبَرَأَ مِنْ جِرَاحَاتِهِ فَفَدَيْتُ عَبْدِي، ثُمَّ انْتَفَضَتْ جِرَاحَاتُ الرَّجُلِ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ؟قَالَ: إذَا مَاتَ مِنْهَا أَقْسَمَ وَرَثَةُ الْمَقْتُولِ.فَإِذَا أَقْسَمُوا، فَإِنْ كَانَتْ الْجِرَاحَاتُ عَمْدًا قِيلَ لَهُمْ: إنْ شِئْتُمْ فَاقْتُلُوهُ وَإِنْ شِئْتُمْ فَاسْتَحْيُوهُ عَلَى أَنْ تَأْخُذُوهُ.فَإِذَا اسْتَحْيَوْهُ كَانَ بِمَنْزِلَةِ أَنْ لَوْ كَانَتْ الْجِرَاحَاتُ خَطَأً، يُقَالُ لِمَوْلَى الْعَبْدِ: ادْفَعْ عَبْدَكَ أَوْ افْدِهِ.فَإِنْ دَفَعَهُ أَخَذَ مَا كَانَ دَفَعَ إلَى الْمَقْتُولِ، وَإِنْ فَدَاهُ قُصَّ لَهُ في الْفِدَاءِ بِمَا دَفَعَ إلَى الْمَقْتُولِ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ.قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟قَالَ: هَذَا قَوْلُهُ في الْحُرِّ وَهُوَ في الْعَبْدِ عِنْدِي مِثْلُهُ.قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ أَمَةً جَنَتْ جِنَايَةً وَهِيَ حَامِلٌ أَوْ غَيْرُ حَامِلٍ، فَحَمَلَتْ بَعْدَ الْجِنَايَةِ فَوَضَعَتْ وَلَدَهَا بَعْدَ الْجِنَايَةِ فَقَامَ عَلَيْهَا أَوْلِيَاءُ الْجِنَايَةِ، أَيُدْفَعُ وَلَدُهَا مَعَهَا في الْجِنَايَةِ إنْ قَالَ سَيِّدُهَا أَنَا أَدْفَعُهَا؟قَالَ: بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا يُدْفَعُ وَلَدُهَا مَعَهَا.قَالَ: وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْهُ وَهُوَ رَأْيِي.قُلْت: أَرَأَيْتَ الْأَمَةَ تَجْنِي جِنَايَةً وَلَهَا مَالٌ قَدْ اكْتَسَبَتْهُ قَبْلَ أَوْ بَعْدَ الْجِنَايَةِ، أَيُدْفَعُ مَعَهَا في قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: كُلُّ مَا كَانَ لَهَا قَبْلَ أَنْ تَجْنِيَ فَإِنَّهُ يُدْفَعُ مَعَهَا، وَكُلُّ شَيْءٍ اكْتَسَبَتْهُ بَعْدَ الْجِنَايَةِ فَذَلِكَ أَحْرَى أَنْ يُدْفَعَ مَعَهَا.قُلْت: أَرَأَيْتَ أُمَّ وَلَدِي إذَا جَنَتْ جِنَايَةً، ثُمَّ جُنِيَ عَلَيْهَا قَبْلَ أَنْ يُحْكَمَ فيهَا فَأَخَذْتُ لَهَا أَرْشًا، مَا يَكُونُ عَلَيَّ؟ أَقِيمَتَهَا مَعِيبَةً أَمْ قِيمَتُهَا صَحِيحَةً؟قَالَ: بَلْ قِيمَتُهَا مَعِيبَةً يَوْمَ يُحْكَمُ فيهَا مَعَ الْأَرْشِ الَّذِي يَأْخُذُهُ السَّيِّدُ إلَّا أَنْ تَكُونَ دِيَةُ الْجِنَايَةِ الَّتِي جَنَتْ هِيَ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا مَعِيبَةً مَعَ الْأَرْشِ الَّذِي أَخَذَهُ سَيِّدُهَا مِمَّا جُنِيَ عَلَيْهَا، فَلَا تَكُونُ عَلَيْهِ إلَّا دِيَةُ الْجِنَايَةِ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْأَقَلُّ أَبَدًا.قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَوْ أَنَّ عَبْدًا قَتَلَ قَتِيلَيْنِ - وَلِيُّهُمَا وَاحِدٌ - لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُسْلِمَ نِصْفَهُ بِدِيَةِ أَحَدِهِمَا وَيَفْتَكَّ النِّصْفَ الْآخَرَ بِدِيَةِ أَحَدِهِمَا إلَّا أَنْ يَفْتَكَّهُ بِدِيَتِهِمَا جَمِيعًا أَوْ يُسْلِمَهُ كُلَّهُ وَهَذَا رَأْيِي.قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَمِمَّا يُبَيِّنُ لَكَ ذَلِكَ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا جَنَى ثُمَّ جُنِيَ عَلَيْهِ فَأَخَذَ لَهُ سَيِّدُهُ أَرْشًا، إنَّهُ يُخَيَّرُ في أَنْ يُسْلِمَهُ وَمَا أَخَذَ مِنْ الدِّيَةِ أَوْ يَفْتَكَّهُ بِمَا جَنَى.فَكَذَلِكَ أُمُّ الْوَلَدِ إلَّا أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ لَا تُسْلَمُ، فَإِنَّمَا يَكُونُ عَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهَا مَعِيبَةً وَأَرْشُ الْجِنَايَةِ مَعَهَا أَوْ قِيمَةُ الْجِنَايَةِ الَّتِي في رَقَبَتِهَا بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُسْلِمَهَا فيكُونُ عَلَيْهِ الَّذِي هُوَ الْأَقَلُّ؛ لِأَنَّهَا لَوْ هَلَكَتْ ذَهَبَتْ جِنَايَةُ الْمَجْرُوحِ.وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ لَوْ هَلَكَ قَبْلَ أَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِ ذَهَبَتْ جِنَايَةُ الْمَجْرُوحِ أَمْرُهُمَا وَاحِدٌ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَرْشُ أَكْثَرَ مِنْ الْجِنَايَةِ فَلَا يُكَلَّفُ إلَّا الْأَرْشُ.قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ أَمَةً جَنَتْ جِنَايَةً.أَيُمْنَعُ سَيِّدُهَا مِنْ وَطْئِهَا حَتَّى يُنْظَرَ أَيَدْفَعُ أَمْ يَفْدِي في قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: مَا سَمِعْتُهُ مِنْ مَالِكٍ، وَلَكِنْ لَا يُمَكَّنُ مِنْ وَطْئِهَا حَتَّى يُنْظَرَ أَيَدْفَعُ أَمْ يَفْدِي.قُلْت: وَلِمَ قُلْت هَذَا؟قَالَ: لِأَنَّهَا مَرْهُونَةٌ بِالْجُرْحِ حَتَّى يَفْدِيَهَا أَوْ يَدْفَعَهَا.قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ عَبْدَيْنِ لِي قَتَلَا رَجُلًا خَطَأً فَقُلْت: أَنَا أَدْفَعُ أَحَدَهُمَا وَأَفْدِي الْآخَرَ؟قَالَ: قَالَ مَالِكٌ في الْعَبِيدِ إذَا قَتَلُوا إنْسَانًا حُرًّا خَطَأً أَوْ جَرَحُوا إنْسَانًا، إنَّهُمْ مُرْتَهَنُونَ بِدِيَةِ الْمَقْتُولِ أَوْ الْمَجْرُوحِ، وَتُقَسَّمُ الدِّيَةُ عَلَى عَدَدِهِمْ وَدِيَةُ الْجُرْحِ عَلَى عَدَدِهِمْ.فَمَنْ شَاءَ مِنْ أَرْبَابِ الْعَبِيدِ أَنْ يُسْلِمَ أَسْلَمَ، وَمَنْ شَاءَ أَنْ يَفْتَكَّ افْتَكَّ بِقَدْرِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ مِنْ نَصِيبِهِ مِنْ الدِّيَةِ، كَانَ أَقَلَّ مِنْ ثَمَنِهِ أَوْ أَكْثَرَ.لَوْ كَانَ قِيمَةُ الْعَبْدِ خَمْسَمِائَةٍ وَاَلَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ عُشْرُ الدِّيَةِ غَرِمَ عُشْرَ الدِّيَةِ وَحُبِسَ عَبْدُهُ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَاَلَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ مِنْ الدِّيَةِ النِّصْفُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ عَبْدَهُ حَتَّى يَدْفَعَ نِصْفَ الدِّيَةِ.قَالَ: وَلَمْ يَقُلْ لَنَا مَالِكٌ في جِرَاحَاتِ أَرْبَابِ الْعَبِيدِ إذَا كَانُوا شَتَّى وَكَانَ رَبُّهُمْ وَاحِدًا، وَلَمْ يَخْتَلِفْ ذَلِكَ عِنْدَنَا أَنَّهُ إنْ كَانَ رَبُّهُمْ وَاحِدًا أَنَّ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ وَيَدْفَعَ مَنْ شَاءَ بِحَالِ مَا وَصَفْتُ لَكَ.وَقَدْ سُئِلَ فيهِ مَالِكٌ غَيْرَ مَرَّةٍ فَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ في ذَلِكَ قَطُّ.قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ فُقِئَتْ عَيْنَا عَبْدِي جَمِيعًا، أَوْ قُطِعَتْ يَدَاهُ جَمِيعًا، مَا يُقَالُ لِلْجَارِحِ؟قَالَ: يَضْمَنُهُ الْجَارِحُ وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ إذَا أَبْطَلَهُ هَكَذَا.فَإِنْ كَانَ جُرْحًا لَمْ يُبْطِلْهُ مِثْلَ فَقْءِ عَيْنٍ وَاحِدَةٍ أَوْ جَدْعِ أُذُنٍ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ، كَانَ عَلَيْهِ مَا نَقَصَ مِنْ ثَمَنِهِ وَلَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ.قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟قَالَ: هَذَا رَأْيِي.قَالَ: وَسَمِعْتُ أَنَّهُ قَالَ: يُسْلَمُ إلَى الَّذِي صَنَعَ ذَلِكَ بِهِ فيعْتِقُ عَلَيْهِ، وَهَذَا رَأْيِي إذَا أَبْطَلَهُ عَلَى صَاحِبِهِ.قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إنَّمَا في الْعَبِيدِ عَلَى جَارِحِهِمْ مَا نَقَصَهُمْ إلَّا الْمَأْمُومَةَ وَالْمُنَقِّلَةَ وَالْجَائِفَةَ وَالْمُوضِحَةَ، فَإِنَّهَا في قِيمَتِهِ مِثْلُ مُوضِحَةِ الْحُرِّ وَمَأْمُومَتِهِ وَمُنَقِّلَتِهِ وَجَائِفَتِهِ مِنْ ثَمَنِهِ.قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ جَرَحَ عَبْدِي رَجُلًا فَقَطَعَ يَدَهُ خَطَأً وَقَتَلَ آخَرَ خَطَأً؟قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ أَسْلَمَهُ سَيِّدُهُ فَالْعَبْدُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا.قَالَ مَالِكٌ: وَإِذَا أَسْلَمَ الْعَبْدَ فَهُوَ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ جِرَاحَاتِهِمْ.قُلْت: وَإِنْ اسْتَهْلَكَ مَعَ الْجِرَاحَاتِ أَمْوَالًا تَحَاصَّ أَهْلُ الْجِرَاحَاتِ في الْعَبْدِ بِقِيمَةِ مَا اُسْتُهْلِكَ لَهُمْ مَنْ الْأَمْوَالِ في قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: نَعَمْ.قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ قَتَلَ عَبْدِي رَجُلًا خَطَأً أَوْ فَقَأَ عَيْنَ آخَرَ خَطَأً، فَقَالَ السَّيِّدُ: أَنَا أَفْدِيهِ مِنْ جِنَايَتِهِ في الْقَتْلِ وَأَدْفَعُ إلَى صَاحِبِ الْعَيْنِ الَّذِي يَكُونُ لَهُ مِنْ الْعَبْدِ وَلَا أَفْدِيهِ؟فَقَالَ: يُقَالُ لَهُ: ادْفَعْ إلَى صَاحِبِ الْعَيْنِ ثُلُثَ الْعَبْدِ وَافْدِ ثُلُثَيْ الْعَبْدِ بِجَمِيعِ الدِّيَةِ.وَيَكُونُ شَرِيكًا في الْعَبْدِ هُوَ وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ في الْعَيْنِ، يَكُونُ لِصَاحِبِ الْعَيْنِ ثُلُثُ الْعَبْدِ وَيَكُونُ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ ثُلُثَا الْعَبْدِ.قَالَ: وَهَذَا رَأْيِي وَقَدْ بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ.قُلْت: أَرَأَيْتَ إذَا جَنَى الْعَبْدُ جِنَايَةً خَطَأً فَفَدَاهُ مَوْلَاهُ، ثُمَّ جَنَى بَعْدَ ذَلِكَ جِنَايَةً أُخْرَى، أَيُقَالُ لِسَيِّدِهِ أَيْضًا ادْفَعْهُ أَوْ افْدِهِ؟قَالَ: نَعَمْ.قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟قَالَ: نَعَمْ.قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ جَنَتْ أُمُّ وَلَدِ رَجُلٍ جِنَايَةً فَأَخْرَجَ قِيمَتَهَا فَدَفَعَهَا إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ، ثُمَّ جَنَتْ بَعْدَ ذَلِكَ جِنَايَةً أُخْرَى؟قَالَ: يُقَالُ لِسَيِّدِهَا: أَخْرِجْ قِيمَتَهَا أَيْضًا مَرَّةً أُخْرَى إذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ مِنْهَا بَعْدَ الْحُكْمِ.قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟قَالَ: نَعَمْ.قُلْت أَلَيْسَ قَدْ قَالَ مَالِكٌ إذَا جَنَتْ أُمُّ الْوَلَدِ فَعَلَى سَيِّدِهَا قِيمَتُهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ الْجِنَايَةُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا؟قَالَ: نَعَمْ.قُلْت: فَإِنْ جَنَتْ جِنَايَةً أُخْرَى قَبْلَ أَنْ يُحْكَمَ عَلَى سَيِّدِهَا بِالْجِنَايَةِ الْأُولَى؟قَالَ: عَلَيْهِ الْقِيمَةُ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ تَكُونَ الْجِنَايَتَانِ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ يَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا قِيمَتُهَا؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ إذَا أَخْرَجَ قِيمَتَهَا فَكَأَنَّهُ قَدْ أَسْلَمَهَا إلَيْهِمَا.قُلْت: فَمَا جَنَتْ بَعْدَ الْحُكْمِ، هَلْ سَمِعْتَ مِنْ مَالِكٍ فيهِ شَيْئًا؟قَالَ: هُوَ قَوْلُهُ إنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُخْرِجَ قِيمَتَهَا ثَانِيَةً كُلَّمَا جَنَتْ بَعْدَ الْحُكْمِ.قَالَ: وَسَأَلْت مَالِكًا عَنْ خَيْرِ النَّاسِ بَعْدَ نَبِيِّهِمْ؟قَالَ: أَبُو بَكْرٍ.ثُمَّ قَالَ: الْوَاشِحِيُّ في ذَلِكَ شَكٌّ؟ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَقُلْت لِمَالِكٍ: فَعَلِيٌّ وَعُثْمَانُ.أَيُّهُمَا أَفْضَلُ؟فَقَالَ: مَا أَدْرَكْتُ أَحَدًا مِمَّنْ أَقْتَدِي بِهِ يُفَضِّلُ أَحَدَهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ - يَعْنِي عَلِيًّا وَعُثْمَانَ - وَيَرَى الْكَفَّ عَنْهُمَا.قُلْت: أَرَأَيْتَ الْمُدَبَّرَ إذَا جَنَى جِنَايَةً فَدَفَعَ مَوْلَاهُ خِدْمَتَهُ ثُمَّ جَنَى بَعْدَ ذَلِكَ؟قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يَدْخُلُ في الْخِدْمَةِ مَعَ الْأَوَّلِ وَيَتَحَاصُّونَ فيهِ عَلَى قَدْرِ مَالِهِمْ مِنْ الْجِنَايَةِ.فَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهُ وَعَتَقَ جَمِيعُهُ في الثُّلُثِ كَانَ مَا بَقِيَ مِنْ جِنَايَتِهِمْ دَيْنًا عَلَى الْمُدَبَّرِ يَتْبَعُونَهُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ عَتَقَ مِنْهُ مَبْلَغُ الثُّلُثِ وَقُسِّمَ مَا بَقِيَ لَهُمْ مِنْ جِنَايَتِهِمْ عَلَى الْعَبْدِ.فَمَا أَصَابَ مَا عَتَقَ مِنْهُ كَانَ ذَلِكَ دَيْنًا عَلَيْهِ، وَمَا أَصَابَ مَا رَقَّ مِنْهُ قِيلَ لِلْوَرَثَةِ ادْفَعُوا هَذَا الَّذِي رَقَّ في أَيْدِيكُمْ، أَوْ افْدُوهُ بِمَا أَصَابَهُ مِنْ الْجِنَايَةِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.قُلْت أَرَأَيْتَ هَذَا الَّذِي عَتَقَ مِنْ الْمُدَبَّرِ فَجُعِلَتْ عَلَيْهِ حِصَّةُ ذَلِكَ مَنْ الْجِنَايَةِ، كَيْفَ يَقْتَصُّونَ مِنْهُ؟ أَيَأْخُذُونَ مِنْهُ كُلَّ شَيْءٍ كَسَبَهُ حَتَّى يَسْتَوْفُوا جِنَايَتَهُمْ الَّتِي صَارَتْ لَهُمْ عَلَى مَا عَتَقَ مِنْهُ أَمْ لَا؟ وَهَلْ يَأْخُذُونَ مِنْهُ مَا في يَدَيْهِ مِنْ الْمَالِ حَتَّى يَقْتَصُّوا جِنَايَاتِهِمْ في قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: لَا أَقُومُ عَلَى حِفْظِ قَوْلِ مَالِكٍ في هَذَا، وَلَكِنْ قَالَ مَالِكٌ في الْعَبْدِ يَكُونُ نِصْفُهُ حُرًّا وَنِصْفُهُ رَقِيقًا يَجْنِي الْجِنَايَةَ - وَفي يَدِهِ مَالٌ - فيفْتَكُّ سَيِّدُهُ نِصْفَهُ، إنَّ مَالَهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ في نِصْفِ الْجِنَايَةِ الَّتِي وَجَبَتْ عَلَى الْعَتِيقِ مِنْهُ.قَالَ: وَكَذَلِكَ الْمُدَبَّرُ إنْ كَانَ بِيَدِهِ مَالٌ أَخَذَهُ مِنْهُ أَهْلُ الْجِنَايَاتِ فَاقْتَسَمُوهُ عَلَى قَدْرِ جِنَايَتِهِمْ.وَأَمَّا مَا كَسَبَ فَإِنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ مِنْ الْجُزْءِ الْعَتِيقِ إلَّا مَا فَضَلَ عَنْ عَيْشِهِ وَكُسْوَتِهِ، وَاَلَّذِي أُخِذَ مِنْ الْعَبْدِ في جِنَايَتِهِ إنَّمَا هُوَ قَضَاءٌ لِنَصِيبِهِ الَّذِي عَتَقَ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ فيهِ كَفَافٌ لَمْ يُتْبَعْ بِشَيْءٍ، وَإِنْ كَانَ فيهِ فَضْلٌ وَقَفَ في يَدِهِ، وَإِنْ قَصُرَ عَنْ ذَلِكَ تُبِعَ بِهِ في حِصَّةِ الْجُزْءِ.فَإِنْ كَانَ في ذَلِكَ مَا يَفْضُلُ مِنْهُ عَنْ عَيْشِهِ وَكُسْوَتِهِ كَانَ ذَلِكَ لَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ، وَأَمَّا مَا رَقَّ لَهُمْ مِنْهُ فَإِنَّهُمْ لَا يَتْبَعُونَهُ فيهِ بِشَيْءٍ مِنْ الْجِنَايَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ عَبْدًا لَهُمْ، وَعَلَيْهِمْ أَنْ يُطْعِمُوهُ وَيَكْسُوهُ بِقَدْرِ الَّذِي رَقَّ لَهُمْ وَهَذَا رَأْيِي.قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ جَاءَ رَجُلٌ فَتَعَلَّقَ بِعَبْدِي - وَالرَّجُلُ يُدْمِي - فَقَالَ: جَنَى عَلَيَّ عَبْدُكَ خَطَأً أَوْ عَمْدًا، وَأَقَرَّ الْعَبْدُ بِذَلِكَ؟قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا وَأَتَاهُ قَوْمٌ وَأَنَا عِنْدَهُ في عَبْدٍ كَانَ عَلَى بِرْذَوْنٍ رَاكِبًا فَوَطِئَ عَلَى غُلَامٍ فَقَطَعَ أُصْبُعَهُ، فَتَعَلَّقَ بِهِ الْغُلَامُ فَأَتَى عَلَى ذَلِكَ - وَالْغُلَامُ مُتَعَلِّقٌ بِهِ - فَقِيلَ لِلْغُلَامِ: مَنْ فَعَلَ بِكَ؟فَقَالَ: هَذَا وَطِئَنِي، وَأَقَرَّ الْعَبْدُ بِذَلِكَ.قَالَ مَالِكٌ: أَمَّا مَا كَانَ مِثْلَ هَذَا يُؤْتَى بِهِ وَهُوَ يُدْمِي وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِهِ فيقِرُّ الْعَبْدُ عَلَى مِثْلِ هَذَا، فَأَرَاهُ في رَقَبَتِهِ يَدْفَعُهُ سَيِّدُهُ أَوْ يَفْتَدِيهِ.وَمَا كَانَ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ فَلَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، مِثْلُ الْعَبْدِ يُخْبِرُ أَنَّهُ قَدْ جَنَى فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْعَبْدِ في قَوْلِ مَالِكٍ إلَّا عَلَى مَا وَصَفْتُ لَكَ.قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ أَقَرَّ الْعَبْدُ بِقَتْلٍ عَمْدٍ، أَيَجُوزُ إقْرَارُهُ أَمْ لَا في قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ أَرَادُوا أَنْ يَقْتُلُوهُ فَذَلِكَ لَهُمْ، وَإِنْ أَرَادُوا أَنْ يَسْتَحْيُوهُ فَلَيْسَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ حِينَ اسْتَحْيَوْهُ أَنْ يَكُونَ فَرَّ بِنَفْسِهِ إلَيْهِمْ.قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ عَبْدًا في يَدَيَّ عَارِيَّةً أَوْ وَدِيعَةً أَوْ رَهْنًا أَوْ بِإِجَارَةٍ، جَنَى جِنَايَةً - وَمَوْلَاهُ غَائِبٌ - فَفَدَيْتُهُ مِنْ الْجِنَايَةِ ثُمَّ قَدِمَ مَوْلَاهُ؟قَالَ: يُقَالُ لِمَوْلَاهُ: إنْ شِئْتَ فَادْفَعْ إلَيْهِ هَذَا جَمِيعَ مَا فَدَاهُ بِهِ وَخُذْ عَبْدَكَ، وَإِنْ شِئْتَ فَأَسْلِمْهُ إلَيْهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْكَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَفْدِهِ ثُمَّ جَاءَ سَيِّدُهُ لَقِيلَ لَهُ هَذَا الْقَوْلُ وَهَذَا رَأْيِي.قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ قَتَلَ عَبْدِي رَجُلًا لَهُ وَلِيَّانِ، فَقُلْت: أَنَا أَفْدِي حِصَّةَ أَحَدِهِمَا وَأَدْفَعُ حِصَّةَ الْآخَرِ، أَيَكُونُ ذَلِكَ لِي في قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: أَرَى لَهُ أَنْ يَفْتَكَّ نَصِيبَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا وَيُسْلِمَ نَصِيبَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا.قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ عَبْدًا لِي قَتَلَ رَجُلَيْنِ - وَلِيُّهُمَا وَاحِدٌ - فَأَرَدْتُ أَنْ أَفْتَكَّ نِصْفَهُ بِدِيَةِ أَحَدِهِمَا وَأُسْلِمَ نِصْفَهُ؟قَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ لَكَ إلَّا أَنْ تَفْتَكَّ جَمِيعَهُ بِالدِّيَتَيْنِ، أَوْ تُسْلِمَهُ لِأَنَّ وَارِثَ الدِّيَتَيْنِ جَمِيعًا وَاحِدٌ.قُلْت: أَرَأَيْتَ الْمُكَاتَبَ إذَا قَتَلَ قَتِيلًا أَوْ جَنَى جِنَايَةً، أَيَكُونُ عَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ في قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: لَا، وَلَكِنْ عَلَيْهِ عِنْدَ مَالِكٍ أَرْشُ الْجِنَايَةِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، وَإِنْ كَانَتْ نَفْسًا فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ، وَإِنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ رَجَعَ رَقِيقًا وَقِيلَ لِلسَّيِّدِ ادْفَعْ أَوْ افْدِ.قُلْت: أَرَأَيْتَ الْمُكَاتَبَ يَسْتَدِينُ دُيُونًا ثُمَّ يَعْجِزُ فيرْجِعُ رَقِيقًا؟قَالَ: الدَّيْنُ في ذِمَّتِهِ عِنْدَ مَالِكٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ حِينَ عَجَزَ، فيكُونُ الدَّيْنُ في ذَلِكَ الْمَالِ إنْ كَانَ ذَلِكَ الْمَالُ مِمَّا أَصَابَهُ مِنْ تِجَارَةٍ أَوْ مِنْ هِبَةٍ وُهِبَتْ لَهُ أَوْ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ كَسْبِ يَدَيْهِ.فَإِنْ كَانَ مِنْ كَسْبِ يَدَيْهِ فَلَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَأْخُذُوا ذَلِكَ مِنْهُ، وَإِنَّمَا لَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا مِنْهُ مَا كَانَ في يَدِهِ مِنْ مَالٍ إلَّا مَا كَانَ مِنْ كَسْبِ يَدِهِ.قُلْت: وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا أَفَادَهُ الْمُكَاتَبُ بَعْدَمَا عَجَزَ، فَلِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَأْخُذُوهُ في دَيْنِهِمْ إلَّا مَا كَانَ مِنْ كَسْبِ يَدِهِ؟قَالَ: نَعَمْ.قُلْت: وَكَسْبُ يَدِهِ إنَّمَا هِيَ إجَارَتُهُ وَعَمَلُهُ بِيَدِهِ في الْأَسْوَاقِ في الْخِيَاطَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ؟قَالَ: نَعَمْ.قُلْت: أَرَأَيْتَ الْمُكَاتَبَ إذَا قَتَلَ نَفْسَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، أَتَأْمُرُهُ أَنْ يُؤَدِّيَ دِيَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا حَالَّةً - في قَوْلِ مَالِكٍ - وَيَسْعَى في كِتَابَتِهِ، فَإِنْ عَجَزَ رَجَعَ رَقِيقًا؟قَالَ: نَعَمْ.قُلْت: أَرَأَيْتَ الْمُكَاتَبَةَ إذَا جَنَتْ جِنَايَةً ثُمَّ وَلَدَتْ وَلَدًا بَعْدَ الْجِنَايَةِ فَمَاتَتْ، أَيَكُونُ عَلَى الْوَلَدِ مَنْ الْجِنَايَةِ شَيْءٌ أَمْ لَا؟قَالَ: لَا شَيْءَ عَلَى الْوَلَدِ مِنْ الْجِنَايَةِ في رَأْيِي؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ ذَلِكَ في الْأَمَةِ، فَالْمُكَاتَبَةُ مِثْلُهُ عِنْدِي سَوَاءٌ.قَالَ: وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ في الْأَمَةِ إذَا جَنَتْ جِنَايَةً ثُمَّ وَلَدَتْ وَلَدًا بَعْدَ الْجِنَايَةِ، إنَّهُ إنَّمَا يَدْفَعُهَا وَحْدَهَا وَلَا يَدْفَعُ وَلَدَهَا.قُلْت: وَلَا يَرَى وَلَدَ الْمُكَاتَبَةِ بِمَنْزِلَةِ مَالِهَا فَتَكُونُ فيهِ الْجِنَايَةُ؟قَالَ: لَا.قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَدَانَتْ الْمُكَاتَبَةُ دَيْنًا ثُمَّ وَلَدَتْ وَلَدًا فَمَاتَتْ الْمُكَاتَبَةُ، أَيَكُونُ عَلَى وَلَدِهَا شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ أَمْ لَا؟قَالَ: لَا شَيْءَ عَلَى وَلَدِهَا مِنْ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ إنَّمَا كَانَ في ذِمَّتِهَا، فَلَمَّا مَاتَتْ لَمْ يَتَحَوَّلْ مِنْ ذِمَّتِهَا في وَلَدِهَا شَيْءٌ.قَالَ: وَهَذَا رَأْيِي.قُلْت: أَرَأَيْتَ إذَا جَنَى الْمُكَاتَبُ جِنَايَةً فَقُضِيَ عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ ثُمَّ عَجَزَ، أَيَكُونُ ذَلِكَ دَيْنًا عَلَيْهِ في رَقَبَةِ الْمُكَاتَبِ، أَوْ يُقَالُ لِسَيِّدِهِ ادْفَعْهُ أَوْ افْدِهِ بِالْجِنَايَةِ؟قَالَ: إذَا جَنَى الْمُكَاتَبُ - عِنْدَ مَالِكٍ - فَالسُّلْطَانُ يَقُولُ لِلْمُكَاتَبِ أَدِّ الْجِنَايَةَ كُلَّهَا حَالَةَ وَاسِعٍ في كِتَابَتِكَ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ قِيلَ لِمَوْلَاهُ خُذْ عَبْدَكَ وَافْسَخْ كِتَابَتَكَ وَادْفَعْهُ أَوْ افْدِهِ بِجَمِيعِ الْجِنَايَةِ.قُلْت: أَرَأَيْتَ الْمُكَاتَبَ إذَا كَانَ لَهُ عَبْدٌ قَدْ أَذِنَ لَهُ في التِّجَارَةِ، فَرَهِقَ الْعَبْدَ الْمَأْذُونَ لَهُ في التِّجَارَةِ دَيْنٌ وَعَلَى الْمُكَاتَبِ دَيْنٌ، فَقَامَ الْغُرَمَاءُ؟قَالَ: يُبَاعُ الْعَبْدُ في دَيْنِ الْمُكَاتَبِ، وَيَكُونُ دَيْنُ الْعَبْدِ في ذِمَّةِ الْعَبْدِ يُتْبَعُ بِهِ وَيُبَيِّنُونَ إذَا بَاعُوهُ أَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا.قُلْت: أَرَأَيْتَ الْعَبْدَ الْمُعْتَقَ إلَى أَجَلٍ إذَا جَنَى جِنَايَةً، أَيَكُونُ عَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْهُ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ مَنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ في قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: لَا، وَلَكِنْ عَلَيْهِ - عِنْدَ مَالِكٍ - أَنْ يُتِمَّ الْجِنَايَةَ - بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ - وَإِنْ كَانَتْ نَفْسًا فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ، وَإِنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ رَجَعَ رَقِيقًا وَقِيلَ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ ادْفَعْ أَوْ افْدِ، مِثْلَ الْمُدَبَّرِ - في قَوْلِ مَالِكٍ - يُقَالُ لِسَيِّدِهِ ادْفَعْ خِدْمَتَهُ أَوْ افْتَكَّهُ بِجَمِيعِ الْجِنَايَةِ.قَالَ: نَعَمْ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ..مَا جَاءَ فيمَنْ حَفَرَ بِئْرًا أَوْ سَرَبًا لِلْمَاءِ أَوْ نَصَبَ حِبَالَةً: قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: مَنْ حَفَرَ بِئْرًا أَوْ سَرَبًا لِلْمَاءِ أَوْ لِلرِّيحِ مِمَّا مِثْلُهُ يَعْمَلُهُ الرَّجُلُ في دَارِهِ أَوْ أَرْضِهِ، فَسَقَطَ فيهِ إنْسَانٌ.قَالَ: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.قَالَ: وَإِنْ جَعَلَ حِبَالَةً في دَارِهِ أَوْ شَيْئًا يُتْلِفُ بِهِ سَارِقًا فَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ.قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إذَا وَقَعَ السَّارِقُ أَوْ غَيْرُ السَّارِقِ سَوَاءٌ يَضْمَنُهُ.قُلْت: أَرَأَيْتَ أُمَّ الْوَلَدِ إذَا جَنَتْ جِنَايَةً فَزَادَتْ قِيمَتُهَا أَوْ نَقَصَتْ، مَا عَلَى سَيِّدِهَا؟قَالَ: أَرَى عَلَى سَيِّدِهَا قِيمَتَهَا يَوْمَ يُحْكَمُ عَلَيْهَا، وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ في ذَلِكَ إنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ قِيَمِهَا.وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّهَا لَوْ مَاتَتْ لَمْ يَكُنْ عَلَى سَيِّدِهَا شَيْءٌ.قُلْت لَهُ: كَيْفَ تُقَوَّمُ، أَبِمَالِهَا أَمْ بِغَيْرِ مَالِهَا؟قَالَ: بَلْ بِقِيمَتِهَا بِغَيْرِ مَالِهَا، وَكَذَلِكَ بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهَا تُقَوَّمُ بِغَيْرِ مَالِهَا.قُلْت: أَرَأَيْتَ الْمُدَبَّرَةَ إذَا قَتَلَتْ قَتِيلًا خَطَأً فَوَلَدَتْ بَعْدَ ذَلِكَ، أَيَكُونُ عَلَى وَلَدِهَا مِنْ هَذِهِ الْجِنَايَةِ شَيْءٌ أَمْ لَا؟قَالَ: هِيَ مِثْلُ الْخَادِمِ، إنَّ وَلَدَهَا لَا يَدْخُلُ في الْجِنَايَةِ، وَكَذَلِكَ بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ وَكَذَلِكَ هَذِهِ الْمُدَبَّرَةُ.قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ أُمَّ وَلَدٍ جَنَتْ جِنَايَةً قَتَلَتْ رَجُلًا عَمْدًا، وَلِلْمَقْتُولِ وَلِيَّانِ فَعَفَا أَحَدُهُمَا، أَيَكُونُ عَلَى سَيِّدِ أُمِّ الْوَلَدِ شَيْءٌ أَمْ لَا؟قَالَ: عَلَيْهِ لِلَّذِي لَمْ يَعْفُ نِصْفُ قِيمَتِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ نِصْفُ دِيَةِ الْجِنَايَةِ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهَا.قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ السَّيِّدُ لَا أَدْفَعُ إلَيْكُمْ شَيْئًا، وَإِنَّمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تَقْتُلُوا وَلَيْسَ لَكُمْ أَنْ تُغَرِّمُونِي؟قَالَ: ذَلِكَ لَهُ لَازِمٌ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِ.أَلَا تَرَى لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَتَلَ قَتِيلًا عَمْدًا لَهُ وَلِيَّانِ، فَعَفَا أَحَدُهُمَا، أَنَّ الْقَاتِلَ يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ نِصْفِ الدِّيَةِ إلَى وَلِيِّ الْمَقْتُولِ الَّذِي لَمْ يَعْفُ، فَكَذَلِكَ هَذَا في سَيِّدِ أُمِّ الْوَلَدِ.قُلْت: فَإِنْ قَتَلَ رَجُلٌ قَتِيلًا لَيْسَ لَهُ إلَّا وَلِيٌّ وَاحِدٌ، فَعَفَا عَنْهُ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ الدِّيَةَ، وَأَبَى الْقَاتِلُ وَقَالَ لَا أَدْفَعُ إلَيْك شَيْئًا إنَّمَا لَكَ أَنْ تَقْتُلَنِي.فَإِنْ شِئْت فَاقْتُلْنِي وَإِنْ شِئْت فَدَعْ؟قَالَ: إذَا لَمْ يَكُنْ الْوَلِيُّ إلَّا وَاحِدًا فَلَيْسَ لَهُ إلَّا أَنْ يَعْفُوَ أَوْ يَقْتُلَ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْفُوَ عَلَى الدِّيَةِ إلَّا أَنْ يَرْضَى بِذَلِكَ الْقَاتِلُ.فَأَمَّا إذَا كَانَ لِلْمَقْتُولِ وَلِيَّانِ فَعَفَا أَحَدُهُمَا، صَارَ نَصِيبُ الْبَاقِي مِنْهُمَا عَلَى الْقَاتِلِ؛ لِأَنَّ الْبَاقِيَ لَمْ يَعْفُ وَلِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَقْتَصَّ فَلَا يَبْطُلُ حَقُّهُ وَهُوَ يَطْلُبُهُ، وَلَكِنْ يُقَالُ لِلْقَاتِلِ ادْفَعْ إلَيْهِ حَقَّهُ مَالًا لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ بِمَنْزِلَةِ عَمْدِ الْمَأْمُومَةِ الَّتِي لَا يُسْتَطَاعُ الْقِصَاصُ مِنْهَا، وَلَا يُشْبِهُ إذَا كَانَ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ وَاحِدًا إذَا كَانَ لَهُ وَلِيَّانِ.قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟قَالَ: نَعَمْ.قُلْت: أَرَأَيْتَ شَهَادَةَ امْرَأَتَيْنِ مَعَ رَجُلٍ عَلَى الْعَفْوِ عَنْ الدَّمِ، أَتَجُوزُ أَمْ لَا؟قَالَ: لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُنَّ عَلَى الْعَفْوِ عَنْ الدَّمِ.قُلْت: وَلِمَ؟قَالَ: لِأَنَّ شَهَادَتَيْنِ لَا تَجُوزُ عَلَى الْعَمْدِ في الدَّمِ كَذَلِكَ لَا تَجُوزُ في الْعَفْوِ عَنْ الدَّمِ.قُلْت: أَرَأَيْتَ إذَا قَطَعَ رَجُلٌ أَصَابِعَ يَمِينِ رَجُلٍ عَمْدًا، ثُمَّ قَطَعَ كَفَّهُ تِلْكَ الَّتِي قَطَعَ مِنْهَا الْأَصَابِعَ، أَتُقْطَعُ أَصَابِعُهُ ثُمَّ كَفُّهُ أَمْ لَا يَكُونُ لَهُ إلَّا أَنْ يَقْطَعَ الْكَفَّ وَحْدَهَا؟قَالَ: لَيْسَ لَهُ إلَّا أَنْ يَقْطَعَ الْكَفَّ وَحْدَهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ إنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ بِهِ عَلَى وَجْهِ الْعَذَابِ، فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ لَهُ مِنْ الْأَصَابِعِ ثُمَّ مِنْ الْكَفِّ.قُلْت: أَرَأَيْتَ شَهَادَةَ لْجَوَارِي، أَهِيَ بِمَنْزِلَةِ شَهَادَةِ الْغِلْمَانِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُنَّ في الْجِرَاحِ؟قَالَ: لَا، وَكَذَلِكَ بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ وَلَمْ سْمَعْهُ مِنْهُ.قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ طَرَحْتُ رَجُلًا في نَهْرٍ وَهُوَ لَا يُحْسِنُ أَنْ يَعُومَ وَلَا أَدْرِي أَنَّهُ لَا يُحْسِنُ أَنْ يَعُومَ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ؟قَالَ: إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْعَدَاوَةِ وَالْقِتَالِ قُتِلَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْقِتَال لَمْ يُقْتَلْ بِهِ وَكَانَ في ذَلِكَ الدِّيَةُ.قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى رَجُلٍ، شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّ فُلَانًا قَتَلَ فُلَانًا بِالسَّيْفِ، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ قَتَلَهُ بِالْحَجَرِ؟قَالَ: شَهَادَتُهُمَا بَاطِلَةٌ في رَأْيِي.قُلْت: وَلَا يَكُونُ لِأَوْلِيَاءِ الدَّمِ أَنْ يُقْسِمُوا هَاهُنَا؟قَالَ: لَا.قُلْت: وَلِمَ ذَلِكَ.وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: إذَا أَتَوْا بِلَوْثٍ مِنْ بَيِّنَةٍ إنَّ لَهُمْ أَنْ يُقْسِمُوا؟فَقَالَ: لِأَنَّ هَذَيْنِ قَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ أَحَدَهُمَا كَاذِبٌ.قُلْت: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يُقْتَلُ فيقُولُ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ.وَلَمْ يَقُلْ عَمْدًا وَلَا خَطَأً.أَيُّ شَيْءٍ تَجْعَلُ قَوْلَهُ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ عَمْدًا أَوْ خَطَأً في قَوْلِ مَالِكٍ؟قَالَ: مَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ فيهِ شَيْئًا، إلَّا أَنِّي أَرَى أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ وُلَاةِ الْمَقْتُولِ إذَا ادَّعَوْا أَنَّهُ خَطَأٌ أَوْ عَمْدٌ.قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ الْمَقْتُولُ: دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ.وَقَالَ وُلَاةُ الدَّمِ: نَحْنُ نُقْسِمُ وَنَقْتُلُ لِأَنَّهُ قَتَلَهُ عَمْدًا، أَوْ قَالُوا: نَحْنُ نُقْسِمُ وَنَأْخُذُ الدِّيَةَ لِأَنَّهُ قَتَلَهُ خَطَأً؟قَالَ: ذَلِكَ لَهُمْ إذَا ادَّعَوْا كَمَا قُلْت، وَمَا كَشَفْنَا مَالِكًا عَنْ هَذَا كُلِّهِ هَكَذَا.قُلْت: أَرَأَيْتَ إذَا وَضَعَ رَجُلٌ سَيْفًا في طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ في مَوْضِعٍ مَنْ الْمَوَاضِعِ يُرِيدُ بِهِ قَتْلَ رَجُلٍ فَعَطِبَ بِهِ ذَلِكَ الرَّجُلُ فَمَاتَ؟قَالَ: يُقْتَلُ بِهِ.قُلْت: أَتَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟قَالَ: لَا وَلَكِنَّهُ رَأْيِي.قُلْت: فَإِنْ عَطِبَ بِالسَّيْفِ غَيْرُ الَّذِي وُضِعَ لَهُ؟قَالَ: أَرَى عَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةَ وَلَا أَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ رَأْيِي.وَسُئِلَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ الْعَبْدِ يَتَزَوَّجُ النَّصْرَانِيَّةَ فيضْرِبُ رَجُلٌ بَطْنَهَا فَتَطْرَحُ جَنِينًا؟ قَالَ هُوَ حُرٌّ مُسْلِمٌ وَفيهِ الْغِرَّةُ.قُلْت لَهُ: فَالْمَجُوسِيَّةُ تُسْلِمُ وَهِيَ حَامِلٌ مَنْ زَوْجِهَا - وَهُوَ مَجُوسِيٌّ - فيضْرِبُ رَجُلٌ بَطْنَهَا فَتَطْرَحُ جَنِينًا.قَالَ: وَلَدُهَا مَجُوسِيٌّ مِثْلَ أَبِيهِ، وَفيهِ مِثْلُ مَا في جَنِينِ الْمَجُوسِيِّ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ.
|