فصل: الإعراب:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.الصرف:

{أطعنا} فيه إعلال بالحذف لمناسبة البناء على السكون، حذفت عين الفعل وزنه أفلنا.
{غفرانك} مصدر سماعيّ لفعل غفر يغفر باب ضرب، وزنه فعلان بضمّ الفاء.

.[سورة البقرة: آية 286]:

{لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْرًا كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (286)}.

.الإعراب:

{لا} نافية {يكلّف} مضارع مرفوع {اللّه} لفظ الجلالة فاعل مرفوع {نفسا} مفعول به منصوب {إلا} أداة حصر وسع مفعول به ثان منصوب وها ضمير مضاف إليه اللام حرف جرّ وها ضمير، في تقديره يقولون أو قولوا....
وجملة: {لا تؤاخذنا} لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: {إن نسينا} لا محلّ لها في حكم التعليل.. وجواب الشرط محذوف دلّ عليه ما سبق أي: إن نسينا أو أخطأنا فلا تؤاخذنا.
وجملة: {أخطأنا} لا محلّ لها معطوفة على جملة نسينا.
وجملة النداء: {ربّنا} لا محلّ لها اعتراضيّة لإظهار مزيد من التضرّع.
وجملة: {لا تحمل علينا إصرا} لا محلّ لها معطوفة على جملة لا تؤاخذنا.
وجملة: {حملته} لا محلّ لها صلة الموصول الاسميّ أو الحرفيّ {ما}.
وجملة: {لا تحمّلنا} لا محلّ لها معطوفة على جملة لا تؤاخذنا.
وجملة: {لا طاقة لنا به} لا محلّ لها صلة الموصول {ما}.
وجملة: {اعف عنّا} لا محلّ لها معطوفة على جملة لا تؤاخذنا.
وجملة: {اغفر لنا} لا محلّ لها معطوفة على جملة اعف أو لا تؤاخذ.
وجملة: {ارحمنا} لا محلّ لها معطوفة على جملة اعف أو لا تؤاخذ.
وجملة: {أنت مولانا} لا محلّ لها استئنافيّة تعليليّة.
وجملة: {انصرنا} لا محلّ لها استئنافيّة مسبّبة عن سبب.

.الصرف:

{وسعها} بضمّ الواو- وقد تفتح وتكسر- الاسم من وسع، أو هو مصدر له [الآية 233]. {إصرا} مصدر أصر يأصر باب ضرب، وزنه فعل بكسر فسكون.
الطاقة، مصدر طاق يطوق ومثله الطوق، وزنه فعلة بفتحتين فيه إعلال بالقلب، قلبت الواو ألفا لتحركها وفتح ما قبلها.
{اعف} فيه إعلال بالحذف لمناسبة البناء، وزنه افع بضمّ العين.
{مولى} وزنه مفعل بفتح العين، وهو في الأصل مصدر ميميّ سميّ به المتصرّف في وجوه الضرّ والنفع أو السيّد، أو الناصر أو ابن العمّ فأصبح في حكم الصفة المشبّهة، فعله ولي يلي باب وثق، وفيه إعلال الياء وقلبها ألفا لانفتاح ما قبلها وأصله مولي بفتح اللام.

.البلاغة:

1- {لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ} أي ينفعها ما كسبت من خير ويضرها ما اكتسبت من شر، وكما نلاحظ فقد طابق بين لها وعليها، وبين كسبت واكتسبت فالفعل الأول يختص بالخير، والفعل الثاني يختص بالشر.
2- حسن الختام: من حق سورة البقرة وقد اشتملت على العديد من الأحكام، وانطوت على التشريع الجلي- أن يتناول ختامها شكر المنعم الذي منّ على الإنسان بالعقل ليفكّر، ومن حق المنعم عليه أن يعترف لمن أسدى إليه الآلاء أن يشكرها ويشهد له بالحول والطول والانفراد بالوحدانية المتجلية على قلوب المؤمنين. اهـ.

.قال محيي الدين الدرويش:

(2) سورة البقرة:
مدنيّة وهي مائتان وست وثمانون آية.

.[سورة البقرة: الآيات 1- 5]:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ:
{الم (1) ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5)}.

.اللغة:

{الم} الحروف التي ابتدئ بها كثير من السور هي على الأرجح أسماء للسور المبتدأة بها أما ماهيتها والحكمة منها فقد اختلفت في ذلك الآراء، وتشعبت المقاصد، حتى ليتعذّر إن لم نقل يستحيل على الباحث أن يستوفيها ويمكننا أن نصنف هذه الآراء إلى صنفين:
1- أنها من المتشابه به الذي نفوض الأمر فيه إلى اللّه ويسعنا في ذلك ما وسع صحابة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وتابعيهم، قال هؤلاء: ليس من الدين في شيء أن يتنطّع متنطّع فيخترع ما يشاء من العلل، التي قلّما يسلم مخترعها من الزّلل.
2- أنها كغيرها من الكلام الوارد في القرآن فيجب أن نتكلم بها ونسبر اغوارها ونكتنه المعاني المندرجة في مطاويها عملا بقوله تعالى: {أفلا يتدبرون القرآن}؟ وعلى هذا الرأي نرجح أن معناها التحدي والارهاص بأن هذا القرآن مؤلف من نفس الحروف التي ينظم بها العرب أشعارهم، ويؤلفون خطبهم وأسجاعهم وهم مع ذلك عاجزون عن الإتيان بمثله أو محاكاته وهذا تفسير يتمشى مع إعجاز القرآن الذي تميز به، وتقول دائرة المعارف الاسلامية في بحثها عن القرآن ما خلاصته: إن العلماء تعبوا كثيرا في فهم المقصود من هذه الحروف وقد وردت هذه الحروف في تسع وعشرين سورة كلها من العهد المكّيّ إلا ابتداء سورتي البقرة وآل عمران فقد وردا في العهد المدني وجملة الحروف التي تكررت في هذه الابتداءات أربعة عشر حرفا.
وقد أعجبنا بحث كتبه الدكتور زكي مبارك في كتابه النثر الفني فأحببنا أن نقتبس منه ما يروق قال صاحب النثر الفني ما خلاصته: كنت أتحدث عن فواتح السور مع المسيو بلا نشو فعرض علي تأويلا جديرا بالاعتبار، جديرا بالدرس والتحقيق وفحواه:
أن الحروف: الم. الر. حم. طسم هي الحروف:
التي توجد في بعض المواطن من:- فهي ليست إلا إشارات وبيانات موسيقية يشار إلى الحانها بحرف أو حرفين أو ثلاثة فهي رموز صوتية فليس من المستبعد أن تكون فواتح السور إشارات صوتية لتوجيه الترتيل، ولعل ما أورده الدكتور زكي مبارك يتصل اتصالا قريبا أو بعيدا بما أوردناه من معنى التحدي وقرع العصا للمكابرين الذين سبروا أغوار القرآن وأدركوا بفطرتهم البلاغية ما يتميز به من بيان، وللسيوطي في كتابه الممتع الإتقان رأي يؤيد ما ذهبنا إليه إذ قال: أنه أريد مفاجأة العرب، وهم أهل الفصاحة والبلاغة، برموز وإشارات لا عهد لهم بها ليزداد التفاتهم، وتتنبه أذهانهم ونفوسهم {رَيْبَ} الريب: الشّكّ وقلق النّفس واضطرابها وفي الحديث: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» هذا وللريب في اللغة ثلاثة معان أحدها: الشك وهو المراد هنا، وثانيها التهمة قال جميل:
بثينة قالت يا جميل أربتني ** فقلت كلانا يا بثين ريب

وثالثها الحاجة قال:
قضينا من تهامة كل ريب ** وخيبر ثم أجمعنا السيوفا

{يُنْفِقُونَ} نفق الشيء ونقد بمعنى واحد وكل ما جاء مما فاؤه نون وعينه فاء دالّ على معنى النّفاد والخروج والذهاب يقال: نفث الشيء من فيه: رمى به ونفث في العقد ومن أقوالهم: لابد للمصدور أن ينفث وهذه نفثة مصدور ونفق الحمار: مات والتقصّي في هذا الباب، يضيق عنه صدر هذا الكتاب وهو من عجائب ما تميّزت به لغتنا الشريفة وسيأتيك الكثير من أمثاله في هذا الكتاب العجيب {الْمُفْلِحُونَ} الفائزون ببغيتهم الذين انفتحت أمامهم وجوه الظفر وكل ما جاء ممّا فاؤه فاء وعينه لام دال على معنى الانفتاح والشّقّ نحو فلق وفلح.

.الإعراب:

{الم} كلمة أريد لفظها دون معناها في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف أي هذه ألم {ذلِكَ} اسم اشارة في محل رفع مبتدأ واللام للبعد والكاف للخطاب {الْكِتابُ} خبر ذلك وهو أولى من جعله بدلا من اسم الاشارة لأنه قصد به الإخبار بأنه الكتاب المقدس المستحق لهذا الاسم تدعيما للتّحدّي، والجملة ابتدائية لا محل لها من الاعراب على أنه يجوز جعله بدلا من اسم الاشارة فتكون جملة لا ريب فيه خبرا لاسم الاشارة {لا رَيْبَ فِيهِ} لا نافية للجنس وريب اسمها المبني على الفتح في محل نصب اسم لا والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبرها والجملة خبر لذلك أو حال من الكتاب {هُدىً} خبر ثالث لذلك {لِلْمُتَّقِينَ} جار ومجرور متعلقان بهدى لأنه مصدر ولك أن تجعله صفة لهدى {الَّذِينَ} اسم موصول في محل جر صفة للمتقين {يُؤْمِنُونَ} فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون لأنه من الافعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والجملة الفعلية لا محل لها من الإعراب لأنها صلة الموصول {بِالْغَيْبِ} جار ومجرور متعلقان بيؤمنون {وَيُقِيمُونَ} الجملة عطف على جملة يؤمنون داخلة في حيّز الصّلة {الصَّلاةَ} مفعول به {وَمِمَّا} الواو حرف عطف ومما جار ومجرور متعلقان بينفقون {رَزَقْناهُمْ} فعل ماض وفاعل ومفعول به وجملة: {رزقناهم} لا محل لها من الاعراب لأنها صلة ما والعائد محذوف أي رزقناهم إياه {يُنْفِقُونَ} فعل مضارع مرفوع معطوف على يقيمون داخل في حيز الصلة أيضا {وَالَّذِينَ} الواو حرف عطف واسم الموصول معطوف على الموصول الأول مندرج معه في سلك المتقين {يُؤْمِنُونَ} فعل مضارع مرفوع والواو فاعل والجملة لا محل لها من الاعراب لأنها صلة الموصول {بِما} الجار والمجرور متعلقان بيؤمنون {أُنْزِلَ} فعل ماض مبني للمجهول ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه تقديره هو يعود على ما أي القرآن والجملة لا محل لها من الاعراب لأنها صلة الموصول {إِلَيْكَ} الجار والمجرور متعلقان بأنزل {وَما} الواو حرف عطف وما عطف على بما أنزل إليك وجملة {أُنْزِلَ} لا محل لها لأنها صلة الموصول {مِنْ قَبْلِكَ} الجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال وهو أولى من تعليقها بأنزل {وَبِالْآخِرَةِ} الواو حرف عطف والجار والمجرور متعلقان بيوقنون {هُمْ} ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ {يُوقِنُونَ} فعل مضارع مرفوع والواو فاعله والجملة الاسمية معطوفة على الجملة الفعلية وهي {ومما رزقناهم ينفقون} وسيأتي سر المخالفة بين الجملتين في باب البلاغة {أُولئِكَ} اسم اشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ والكاف للخطاب {عَلى هُدىً} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر لأولئك {مِنْ رَبِّهِمْ} جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة لهدى والجملة استئنافية لا محل لها {وَأُولئِكَ هُمُ} أولئك مبتدأ، وهم ضمير فصل أو عماد لا محل له {الْمُفْلِحُونَ} خبر أولئك ولك أن تعرب هم مبتدأ والمفلحون خبره والجملة الاسمية خبر أولئك.

.البلاغة:

في هذه الآيات فنون عديدة نوردها فيما يلي:
1- التعريف: في تعريف الكتاب بالألف واللّام تفخيما لأمره وهو في الأصل مصدر قال تعالى: {كتاب اللّه عليكم}.
2- التقديم: فقد قدم الريب على الجار والمجرور لأنه أولى بالذكر استعدادا لصورته حتى تتجسّد أمام السّامع.
3- وضع المصدر هدى موضع الوصف المشتق الذي هو هاد وذلك أوغل في التعبير عن ديمومته واستمراره.
4- المجاز المرسل: في قوله: {هدى للمتقين} وعلاقته اعتبار ما يئول إليه أي الصّائرين إلى التقوى.
5- الإيجاز: في ذكر المتقين لأن الوقاية اسم جامع لكل ما تجب الوقاية منه.
6- الاستعارة التّصريحية التّبعيّة في قوله: {على هدى} تشبيها لحال المتقين بحال من اعتلى صهوة جواده فحذف المشبه واستعيرت كلمة على الدالة على الاستعلاء لبيان أنّ شيئا تفوق واستعلى على ما بعدها حقيقة نحو: زيد على السطح أو حكما نحو: عليه دين فالدين للزومه وتحمله كأنه ركب عليه وتحمله، والدقة فيه أن الاستعارة بالحرف، ويقال في إجرائها: شبه مطلق ارتباط بين هدى ومهدي بمطلق ارتباط بين مستعل ومستعلى عليه بجامع التمكن في كل منها فسرى التشبيه من الكليات إلى الجزئيات ثم استعيرت على وهي من جزئيات المشبه به لجزئي من جزئيات المشبه على طريق الاستعارة التصريحية التبعية ومثل الآية الكريمة قوله:
لسنا وإن أحسابنا كرمت يوما على الآباء نتكل فتأمل هذا البحث فإنه من الدقة والحسن بمكان، وسيرد في القرآن الكريم نماذج منه كالسحر الحلال.
7- التكرار في قوله: {يؤمنون بالغيب} و{يؤمنون بما انزل إليك} وفي تكرار اسم الموصول وإن كان الموصوف واحدا، وقد يكون الموصوف مختلفا فهو تكرار للفظ دون المعنى. وفائدته الترسيخ في الذهن، والتأثير في العاطفة ويكثر في الشعر.
8- الحذف في قوله: {الم} أي هذه ألم و{هدى} أي هو هدى فحذف المبتدأ وفي قوله: {ينفقون} أي المال فحذف المفعول به وقد استهوى الإنفاق في سبيل المحامد والمآثر نفوس شعراء العرب وما أجمل قول دعبل:
قالت سلامة: اين المال؟ قلت لها: المال ويحك لاقى الحمد فاصطحبا.
9- حسن التقسيم وهو فن من فنون البلاغة فحواه استيعاب المتكلم جميع اقسام المعنى الذي هو آخذ فيه بحيث لا يغادر منه شيئا فقد استوعبت هذه الآيات جميع الأوصاف المحمودة، والعبادات التي يعكف عليها المؤمنون لأن العبادات كلها تنحصر في نوعين:
بدنية ومالية، ولابد من استيفائهما لتكون العبادات كلها مقبولة وما أجمل الحديث الشريف القائل: «يقول العبد مالي مالي وإنما له من ماله ثلاث: ما أكل فأفنى، أو لبس فأبلى أو أعطى فاقتنى، وما سوى ذلك فهو ذاهب وتاركه للناس» وقوله: مالي مالي مفعول به لفعل محذوف أي أحبّ مالي والثاني تأكيد للأول.